وجــار الـذئــب

وجــار الـذئــب
سليمان إدريـس

آلا يا ســـائلى هــاكَ الجـــــوابا
ودع عنـــكَ الشــماتـةَ والعتـابــا
ولا تعجــل بذَبـحٍ قبــــل مـــاءٍ
وإن أوردتنــــى منـــكَ السرابــا
فقـد كِــره التقــاةُ دمــاءَ شـــاةٍ
تُـراق ومــا أعــاروهــا شـرابـا
ولحمـى لحــمُ مظلـــومٍ غـريــبٍ
اذا اسـتحـلـلتَـه لـن يسـتـطــابـا
فدع عنــكَ الهواجــــــسَ واتبعنى
وان لـم تقتنـــع هــــاتِ العقابـا
وقـل عـنـى المحـاســنَ إن تجـدنى
أشــق ببحــر أحـزانـى عُـبـابـا
فإنـى قـد قضـيـتُ العُـمـرَ كَـــَّراً
وفَــرَّاً فيهمـا أنعــى الشــبـابــا
وكانـت قـد أصـابـتـنـي الليـالــى
بهجـرٍ لسـتُ احسَــبـهُ صـــوابـا
فعـشـــتُ لســتـةٍ منــه عجـافٍ
لكـــل رزيــلةٍ اغلقـــتُ بــابـا
تحـدتـنـى بـأســيـاف الـرزايــا
فكـان الصـبـرُ تـرسـى والحجـابـا
لـذا لكـواســـرٍ وقـفـت ببـابــى
زرعـتُ مخـالبــاً تُـدمــى ونـابـا
وقلبـى عنـد وحـشـــات الليـالـى
بطَـرقِ البــاب للغــد اسـتجــابـا
وإنـى مـن تجــاربَ فـى الخـوالـى
قرأتُ غــداً فـأغلقـــتُ الكتـابــا
وقـررتُ الجحــودَ بشَــــفِ نجـمٍ
بـه لا أرتقـى الأمـــر الصــوابـا
وإن شــريـعـة القـلـبِ المُعَـنـَّـى
تنـاهض مأخــذَ الـدنـيــا غِـلابـا
فَرَقَّ مُلـبـيــاً همســات شـيــخٍ
وطــار لأجـلــه فـرحـاً وطـابـا
وقـلـتُ لعـلَّـنـى فـى غيـر أرضـى
أغـادر سـوء حظــى والعــذابـا
ولكـن ســوء حظــى لـم يفتـنـى
وعـاودنـى دنـــواً واقـتــرابـا
فقـلـت الـى متـى يا سـوء حظـى
تظـل الشــالَ وحــدك والثـيـابـا
كـأن بـه دعـانــى بانـزعـــاجٍ
واطـلـق فـيَّ أنفـاسـاً غِـضـابـا
انا وحــدى القـريــنُ لكـل بــالٍ
ألازمـه فـأسـكـنــه التـرابــا
فـآثـرتُ الأمــان بــدار ذئــبٍ
فــزاد الأمــرَ همَّـاً واغـتـرابـا
واحسـنـتُ الظـنـونَ وقلـت علِّـى
بحسـن الظـن يولينـى الـرحـابـا
ومنـى يسـتـحـى حـظٌ غشــومٌ
فتحتجـب المعـانــاةُ احتجـابــا
ولكن حُســن ظـنـى فيـه ولـَّـى
فقررتُ انتفاضــــةَ وإنقلابــــا
ومن يعطـ الآمـان لـذئـب ليـــلٍ
يسـلّمـه الكـرامـةَ والـرقـابـــا
وكانت دوحتـى عَــرَضــاً لشـيخٍ
فأذبلها وأورثهـــا اليـبـابــــا
وكـنـتُ له الأمينةَ رغـم سـلبـى
فأحفظـه متـى شــاء الغـيـابـا
حـرمـتُ صغيـرتـى الأوطانَ عاماً
ومـدرسـةً كـذلـك والصحـابــا
وكـم ذرفـت دمـوعـاً من عيـونٍ
تقـول جـريمتـى لـن تســتتابـا
وكنتُ كزهرةٍ في روض قومــــي
فصـبَّ علـَّى شـؤمـاً واغتـرابـا
وصـيَّـرَنـى مُجَـــرَّدةً كـأنـى
لمَسٍ فى الحِجـى جُـبـتُ الشـعابـا
لـذلـك فى وجـارِ الذئـبِ ثــأرى
إذا يقـضــى أفــارق إكتئـابـا
وإنـى حــــرةٌ لا مثــل أفعـى
تغـادرُ عنـد إزعــاجٍ جــرابـا
ونازعتُ الهوى في خلعِ ثــــوبٍ
لجـاريـةٍ وغـازلـتُ المــآبـا
وخـالفـتُ الهـوى ونزعتُ عنـى
خـرافـاتِ القـلائـدِ والحجـابـا
فمـن بعـد التجـاربِ جـاء حُكمى
بأخــذِ العـزمَ زاداً بـل ركـابـا
وكلُ الضعفِ فى استسـلام نفسـى
لـذلـك لـن أسلِّمَها اضطــرابـا
وانـى لـن افارقَهـا حيـاتـــى
سـأحيا كى أُبلغَهـا السـحــابـا
ولـن أدعَ التشـاؤم يعتـريـنـى
وإن كان الدليــلُ لهـا غـرابـا

شكرا يجميل